سورة مريم - تفسير تفسير ابن عجيبة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


قلت: {يوم نحشر}: إما ظرف لفعل مؤخر؛ للإشعار بضيق العبارة عن حصره؛ لكمال جماله أو فظاعته، والتقدير: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن، ونسوق المجرمين، نفعل بالفريقين ما لا يفي به نطاق المقال، أو ظرف لاذكر، و{وفْدًا} و{وِرْدًا}: حالان.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {يوم نحشرُ المتقين}: نجمعهم {إلى الرحمن} أي: إلى ربهم يغمرهم برحمته الواسعة، {وَفْدًا}: وافدين عليه، كما يفد الوفود على الملوك، منتظرين لكرامتهم وإنعامهم. وعن عليّ كرم الله وجهه: لما نزلت هذه الآية، قلت: يا رسول الله، إني قد رأيت الملوك ووفودهم، فلم أر وفدًا إلا راكبًا، فما وفد الله؟ قال: «يا عليّ؛ إذا حان المنصَرَفُ من بين يدي الله، تلقت الملائكة المؤمنين بنُوقٍ بيض، رِحالُهَا وأزِمَّتُها الذَهَبُ، على كل مركب حُلة لا تُساويها الدنيا، فيلبس كل مؤمن حلّة، ثم يستوون على مراكبهم، فتهوي بهم النوق حتى تنتهي بهم إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}». {ونَسُوقُ المجرمين} كما تُساق البهائم {إِلى جهنم وِرْدًا}: عطاشًا، فإن من يرد الماء لا يرده إلا للعطش، أو كالدواب التي ترد الماء، أي: يوم نحشر الفريقين نفعل ما نفعل مما لا يفي به نطاق العبارة، لما يقع فيه من الدواهي الطامة، أو الكرائم العامة، أو: اذكر يوم نحشر الفريقين، على طريق الترغيب والترهيب.
وقوله تعالى: {لا يملكون الشفاعة}: استئناف مبين لما فيه من الأمور الدالة على هوله، وضمير الواو: إما لجميع العباد المدلول عليهم بذكر الفريقين لانحصارهم فيها، أو إلى المتقين فقط، أو إلى المجرمين.
و{مَن اتخذ}: منصوب على الاستثناء، أو بدل من الواو، أي: لا يملك العباد أن يشفعوا لغيرهم إلا من استعد له بالتحلي بالإيمان والتقوى، ففيه ترغيب للعباد في تحصيل الإيمان والتقوى، المؤدي إلى نيل هذه الرتبة العليا. أو لا يملك المتقون الشفاعة إلا شفاعة من اتخذ العهد بالإسلام والعمل الصالح، أو لا يملك المجرمون أن يشفع لهم إلا من كان منهم مسلمًا، فيشفع في مثله. فَمَن، على هذا الثالث، بدل من الواو فقط. والأول أحسن؛ لعمومه.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أما يَعْجزُ أَحدكُمْ أَنْ يتَّخِذَ كُلَّ صَبَاحٍ وَمَساءٍ عَهدًا عِند اللهِ، يَقُولُ كُلَّ صَبَاحٍ ومَساءٍ: اللهُمَّ فَاطِرَ السماوَاتِ والأرْض، عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادةِ، إنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ في هذهِ الحياةَ الدنيا، بأَنِي أشْهَدُ أنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ أنتَ، وَحْدكَ لا شَرِيكَ لَكَ، وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ ورَسُولُكَ، فلا تكلني إلى نفسي، فإِنَكَ إنْ تَكلْنِي إلى نَفسْي تُقَرِّبْنِي مِنَ الشرِّ وتُبَاعِدْنِي مِنَ الخَيْرِ، وإنّي لاَ أَثِقُ إلاَّ بِرَحْمَتِكَ، فاجَْلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا تُوفِّينِيه يَوْمَ القِيامَةِ، إنَّكَ لا تُخْلفُ المِيعادَ. فإذا قالَ ذَلِكَ طُبعَ عَلَيْهِ طابَع ووُضِعَ تَحْتَ العَرْشِ، فَإذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ نَادَىَ مُنَادٍ: أَيْنَ الذِينَ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ فَيَدْخُلُونَ الجنَّة» اهـ.
الإشارة: ورود العباد على الله يوم القيامة يكون على قدر ورودهم إليه اليوم في الدنيا، فبقدر التوجه إليه اليوم تعظم كرامة وروده في الآخرة، فمن ورد على الله تعالى من باب الطاعة الظاهرة حملته صور الطاعات إلى الآخرة، ومن ورد من باب الطاعات القلبية حملته الأنوار إلى الفراديس العالية، ومن ورد من باب الطاعات السرية- كالفكرة والنظرة في مقام المشاهدة- حمله الحق إلى الحضرة القدسية، فيكون في مقعد صدق عند مليك مقتدر. قال شيخ شيوخنا، سيدي عبد الرحمن العارف في قوله تعالى: {وفدًا}: قيل: ركبانًا على نجائب طاعتهم، وهم مختلفون، فمن راكب على صور الطاعات، ومن راكب على نجائب الهمم، ومن راكب على نجائب الأنوار، ومن محمول يحمله الحق في عقباه، كما يحمله اليوم في دنياه، وليس محمول الحق كمحمول الخلق. اهـ.
وقوله تعالى: {لا يملكون الشفاعة...} الآية، اعلم أن العهد الذي تكون به الشفاعة يوم القيامة هو الطاعة وتربية اليقين والمعرفة، فتقع الشفاعة لأهل الطاعات على قدر طاعتهم وإخلاصهم، وتقع لأهل اليقين على قدر يقينهم، وهم أعظم من أهل المقام الأول، وتقع لأهل المعرفة على قدر عرفانهم، وهم أعظم من القسمين، حتى إن منهم من يشفع في أهل عصره كلهم، وقد سَمِعْتُ من شيخنا الفقيه، شيخ الجماعة سيدي التاودي بن سودة، أن بعض الأولياء قال عند موته: يا رب شفعني في أهل زماني، فقال له الحق تعالى- من جهة الهاتف-: لم يبلغ قدرك هذا، فقال: يا رب إن كان ذلك من جهة عملي واجتهادي فَلَعَمْرِي إنه لم يبلغ ذلك، وإن كان من جهة كرمك وجودك فوعزتك وجلالك لهو أعظم من هذا، فقال له: إني شفعتك في أهل عصرك. اهـ. بالمعنى. فمن رجع إلى كرم الله وجوده، ودخل من هذا الباب، وجد الإجابة أقرب إليه من كل شيء. وبالله التوفيق.


قلت: {هَدًّا}: مصدر مؤكد لمحذوف، هو حال من الجبال، أي: تهد هدًا. و{أن دعوا}: على حذف اللام، أي: لأن دعوا، وفيه احتمالات أُخر.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {وقالوا اتخذ الرحمنُ ولدًا} هذه المقالة صدرت من اليهود والنصارى، ومن يزعم من العرب أن الملائكة بنات الله، لعن الله جميعهم، فسبحان الله وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، فحكى جنايتهم إثر جناية عَبَده الأصنام، وعطف القصة على القصة لاشتراكهم في الضلالة، قال تعالى في شأنهم: {لقد جئتم شيئًا إِدًّا} أي: فعلتم أمرًا منكرًا شديدًا، لا يقادر قدره، فهو رد لمقالتهم الباطلة، وتهويل لأمرها بطريق الالتفات المنبئ عن كمال السخط وشدة الغضب، المفصح عن غاية التشنيع والتقبيح، وتسجيل عليهم بغاية الوقاحة والجهل. و{جاء} يستعمل بمعنى فعل، فيتعدى تعديته، والإد- بكسر الهمزة وفتحها، وقُرئ بهما في الشاذ-: العظيم المنكر، الإدُّ: الشدة، قيل: الأدُّ: في كلام العرب: أعظم الدواهي.
ثم وصفه وبيّن هوله فقال: {تكادُ السماواتُ يتفطّرنَ منه}: يتشققن مرة بعد أخرى، من عظم ذلك الأمر وشدة هوله، وهو أبلغ من {ينفطرن} كما قرئ به، {وتنشقُّ الأرضُ} أي: وتكاد تنشق وتذهب، {وتخرُّ الجبالُ} أي: تسقط وتنهدم {هَدًّا} بحيث لا يبقى لها أثر. والمعنى: أن هول تلك الكلمة الشنعاء وعظمها، بحيث لو تصورت بصورة محسوسة، لم يُطق سمعها تلك الأجرام العظام، ولتفتتت من شدة قبحها، أو: إن فظاعتها واستجلاب الغضب والسخط بها بحيث لولا حلمه تعالى، لخر العالم وتبددت قوائمه، غضبًا على من تفوه بها. قال محمد بن كعب: كاد أعداء الله أن يقيموا علينا الساعة، يعني: لأن ما ذكر أوصاف الساعة.
وذلك {أن دَعَوا للرحمنِ ولدًا} أي: تكاد تنفطر السماوات وتنشق الأرض، وتنهدم الجبال؛ لأجل أن دعوا، أي: نسبوا أو سموا للرحمن ولدًا، {وما ينبغي للرحمنِ أن يتخِذَ ولدًا} أي: قالوا اتخذ الرحمن ولدًا، أو دعوا له ولدًا، والحال أنه مما لا يليق به تعالى اتخاذ الولد؛ لاستحالته عليه تعالى. ووضع الرحمن موضع الضمير؛ للإشعار بعلية الحكم؛ لأن كل ما سواه تعالى منعَّم عليه برحمته، أو نعمة من أثر الرحمة، فكيف يتصور أن يجانس من هو مبدأ النعم ومولى أصولها وفروعها، حتى يتَوهم أن يتخذه ولدًا، وقد صرح به قوله عزّ قائلاً: {إِن كل من في السماوات والأرض} أي: ما منهم من أحد من الملائكة أو الثقلين {إِلا آتي الرحمنِ عبدًا}؛ مملوكًا لله في الحال بالانقياد وقهرية العبودية. {لقد أحصاهم} أي: حصرهم وأحاط بهم، بحيث لا يخرج أحد من حيطة علمه، وقبضة قدرته وقهريته، ما وجد منهم وما سيوجد، وما يقدر وجوده لو وجد، كل ذلك في علمه وقضائه وقدره وتدبيره، لا خروج لشيء عنه، وفي ذلك تصوير لقيام ربوبيته على كل شيء، وأنه عالم بكل شيء جملة وتفصيلاً، {وكلهم آتيه يومَ القيامةِ فردًا} أي: وكل واحد منهم يأتي يوم القيامة فردًا من الأموال والأنصار والأتباع، متفردًا بعمله، فإذا كان شأنه تعالى وشأنهم كذلك فأنى يتوهم احتمال أن يتخذ شيئًا منهم ولدًا؟!.
وفي الحديث القدسي: «قال الله تعالى: كذَّبني عبدي، ولم يكن له ذلك، وشَتمني عبدي ولم يكن له ذلك، أما تكذيبُهُ إيايَ؛ فأن يقولَ: من يُعيدُنا كما بَدأنا؟ وأما شَتمُه إياي؛ فأن يقول: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحدُ الصمدُ، لم أَلِد ولم أُولدَ، ولم يكن لي كُفوًا أحد» وهو في البخاري. وفي صيغة اسم الفاعل في قوله: {آتيه} من الدلالة على إتيانهم كذلك ألبتة ما ليس في صيغة المضارع لو قيل يأتيه. والله تعالى أعلم.
الإشارة: إذا علمت أيها المؤمن أن الحق جلّ جلاله يغضب هذا الغضب الكلي على من أشرك مع الله، أو اعتقد فيه ما ليس هو عليه من التنزيه وكمال الكمال، فينبغي لك أن تخلص مَشربَ توحيدك من الشرك الجلي والخفي، علمًا وعقدًا وحالاً وذوقًا، حتى لا يبقى في قلبك محبة لشيء من الأشياء ولا خوف من شيء، ولا تعلق بشيء، ولا ركون لشيء، إلا لمولاك، وحينئذ يصفي مشرب توحيدك، وتكون عبدًا لله خالصًا حرًا مما سواه، ومهما بقي فيك شيء من محبة الهوى نقص توحيدك بقدره، ولم تصل إليه ما دمت تميل إلى شيء سواه. وفي ذلك يقول الششتري رضي الله عنه:
إنْ تُرِدَ وَصْلَنَا فَمَوْتكَ شَرْطٌ *** لا يَنَالُ الوِصَالَ مَنْ فِيهِ فَضْلَه
فكن عبدًا لله حقيقة، وانخرط في سلك قوله: {إِن كل من في السماوات والأرض إِلا آتي الرحمن عبدًا}. فحينئذ تكون حرًا مما سواه، وَيملكك الوجود بأسره، يكون عند أمرك ونهيك. وفي ذلك يقول القائل:
دَعَوْني لملكهم فلما أجبتهم *** قالوا دعوناك للمُلك لا للمِلك
وإذا فتحت عين القدرة وعين الحكمة وضعت كل شيء في محله، فتتنزه بعين القدرة في رياض الملكوت وبحار الجبروت، وتتنزه بعين الحكمة في بهجة الملك وأسرار الحكمة. فعين القدرة تقول: كل من في السماوات والأرض عبد مملوك تحت قهرية ذاته، فاعرف الضدين، وأنزل كل واحد في محله، تكنْ عارفًا بالله، فإن أردت أن تعرفه بضد واحد بقيت جاهلاً به. فالحكمة تثبت العبودية صورة؛ صونًا لكنز الربوبية، والقدرة تغيبك عنها بشهود أسرار الربوبية، وفي الحكم: (سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور وصف البشرية، وظهر بعظمة الربوبية في إظهار العبودية).
فالعبودية لازمة من حيث العبد، والغيبة عنها واجبة من حيث الرب، فإثبات العبودية، حكمةً، فرق، والغيبة عنها في شهود أنوار الربوبية: جمع، فالعارف مجموع في فرقه، مفروق في جمعه.


قلت: لما استحقر الكفرةُ أحوالَ المؤمنين حتى قالوا: {أينا خير مقامًا وأحسن نديًّا}، أخبر الله تعالى المؤمنين وبشرهم أنهم سيعزهم ويلقى مودتهم في قلوب عباده.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {إِنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعلُ لهم الرحمن} في قلوب الناس مودة وعطفًا، حتى يحبهم كل من سمع بهم، فيحبهم ويحببهم إلى عباده من أهل السماوات والأرض، أي: سيحدث لهم في القلوب مودةً من غير تعرض لأسبابها، سوى ما لهم من الإيمان والعمل الصالح، أو {وُدًّا} فيما بينهم، فيتحابون ويتواددون ويحبهم الله.
قال القشيري: يجعل في قلوبهم ودًّا لله، وهو نتيجة أعمالهم الخالصة، وفي الخبر: «لا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى يحبني وأحبه». والتعرض لعنوان الرحمانية؛ لِمَا أنَّ الموعود من آثارها، وأن مودتهم رحمة بهم وبمن أحبهم. وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعليّ رضي الله عنه: «قل اللهُمَّ اجْعَلْ لِي عِنْدكَ عَهْدًا، واجعل لِي في صُدُورِ المؤمِنِينَ مَوَدَّةً» فنزلت الآية. وفي حديث البخاري وغيره: «إِذا أحَبَّ اللهُ عبدًا قال لجبْريل: إني أُحبُ فُلانًا فأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جَبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادي في أَهْلِ السَّماءِ إنَّ اللهَ قَدْ أحَبَّ فُلانًا فأَحبُّوهُ، فَيُحبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يَضع لَهُ المحبة فِي الأرْض».
وقال قتادة: {سيجعل لهم الرحمن ودًا} قال: أي والله ودًا في قلوب أهل الإيمان. وإن هرم بن حيان يقول: ما أقبل عبدٌ بقلبه على الله إلا أقبل الله بقلوب أهل الإيمان إليه، حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم. قلت: ولفظ الحديث: «ما أقْبَلَ عبدٌ بقلْبهِ إلى اللهِ عزّ وجلّ إلا جَعلَ الله قلوبَ المؤمنينَ تَفِدُ إليه بالودِّ والرحمَةِ، وكان الله إليه بكل خيرٍ أسرَعَ» نقله في الترغيب. وفي حديث آخر: «يُعطي المؤمنُ ودًّا في صدور الأبرار، ومهابة في سدور الفجار» فَتَوَدُّد الناس للعبد دليل على قبوله عند مولاه. أنتم شهداء الله في أرضه. وفي بعض الأثر: «لا يموت العبد الصالح حتى يملأ مسامعه مما يُحب، ولا يموت الفاجر حتى يملأ مسامعه مما يكره». بالمعنى.
وأتى الحقّ جلّ جلاله بالسين؛ لأن السورة مكية، وكانوا إذ ذلك ممقوتين عند الكفرة، فوعدهم ذلك، ثم أنجزه لهم حين جاء الإسلام، فعَزوا وانتصروا، وتعشقت إليهم قلوب الخلق من كل جانب، كما هو مسطر في تواريخهم. وقيل: الموعود في القيامة، حين تعرض حسناتهم على رؤوس الأشهاد كأنها أنوار الشمس الضاحية، ولعل إفراد هذا بالوعد من بين ما لهم من الكرامات السنية؛ لأن الكفرة سيقع بينهم يومئذ تقاطع وتباغض وتضاد. والله تعالى أعلم.
الإشارة: سُنَّة الله تعالى في أوليائه، في حال بدايتهم، أن يُسلط عليهم الخلق، وينزل عليهم الخمول والذل بين عباده، حتى يمقتهم أقرب الناس إليهم، رحمة بهم واعتناء بقلوبهم؛ لئلا تسكن إلى غيره. قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه: اللهم إن القوم قد حكمت عليهم بالذل حتى عزوا... الخ. فإذا تطهروا من البقايا وكملت فيهم المزايا، وتمكنوا من معرفة الحق، أعزهم وألقى مودتهم في قلوب عباده، هذا دأبه معهم في الغالب، وقد يحكم على بعضهم بالخمول حتى يلقاه على ذلك، ولا يكون ذلك نقصًا في حقه بل كمالاً، وهم شهداء الملكوت، لم يأخذوا من أجرهم شيئًا. والله تعالى أعلم.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9